توسعة الصفا والمروة وقواعده الفقهية
لقد كان مشعر الصفا والمروة ضيقاً إلى الحد الذي لم يعد كافياً مع زيادة أعداد المسلمين القاصدين أداء مناسك الحج والعمرة ، لذا اقترح بعض أئمة الإسلام في وقتنا المعاصر إلى إجراء توسعة لهذا المنسك ، معتمداً في ذلك على وقائع تاريخية وأدلة شرعية معتبرة.
توسعة الصفا والمروة في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
ففي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 17 هجرياً جري توسعة المسجد الحرام ، إذ كان صغيراً ولم يكن تحده جدراناً ، فاشتري أمير المؤمنين عمر دوراً وهدمها وأحاط عليه جداراً قصيراً وقال عمر للمسلمين ( إنما نزلتم على الكعبة فهو فناؤها ولم تنزل الكعبة عليكم ” ، وقد جرى توسعة الحرم مرة أخرى في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان في عام 26 هجرياً حيث زاد عدد المسلمين وكثر الناس في زمنه وفعل مثلما فعل عمر رضي الله عنهما ، وظلت عمارة المسجد الحرام من لدن عمر بن الخطاب حتى وقتناً هذا كلما دعت الحاجة إلى التوسعة ساهم في توسعة الحرم أهل الحل والعقد في المملكة العربية السعودية.
وتأتي حدود السعي بين الصفا والمروة بين جبلا الصفا والمروة التي هي عبارة عن أكمة تقع في وسط مكة تحيطها بيوت أهل مكة ومنها درا الأرقم ، ودار السائب ابن أبي السائب العائذي ، ودار الخلد.
ومع تزايد أعداد المسلمين شغلت توسعة المسعى بين الصفا والمروة بال الأمراء والخلفاء ، خاصة وان جبلا الصفا والمروة تعرضا مع مرور الزمن إلى التكسير بسبب شق الطرقات وانجراف الأتربة التي جرفتها السيول ، بالإضافة إلى بناء بيوت وحوانيت ، لذا أفتى أهل العلم بجواز توسعة الطريق وهدم ما لم يكن موجوداً في عهد النبي ، كما أفتى البعض بجواز التوسعة استناداً إلى جواز توسعة الحرم النبوي الشريف ، وقد أخذوا بما قال به الإمام النووي رحمه الله عن حكم الصلاة في التوسعة المحدثة بالحرم النبوي الشريف ، حيث قال ” الزيادة لها حكم المزيد ” إذ إن الزيادات الهائلة في إعداد الحجاج وزوار المشعر قد تجبر الولاة على اتخاذ ما يرونه من تيسيرات مناسبة للمسلمين ودرءاً للمشقة إعمالاً لقوله تعالى ” أولم نكمن لهم حرماً آمنا ” إذ إن الآية تشير إلى ضرورة أمن الطائف والساعي والعاكف ، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال التوسعة التي ستؤمن الحجاج من التزاحم والتدافع والدهس ، فالتوسعة من باب الرخصة إذ إن المسعى في السابق لم يكن يحده حدوداً جغرافية ، فقد كان الناس قديماً حال وجود زحام يسعون إلى خارج نطاق البنيان وذلك لعدم وجود جدران ولوجود امتداد حاصل بين الجبلين قبل تكسيرهما لبناء المسعى ، وعلى ذلك فإن المسعى الأصل فيه أنه كان مفتوحاً وأن ما جرى من بناء وتظليل له جاء بغية حماية الحجاج والمعتمرين ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه بعدم تجاوز حد معين أو مسار معين ، بل أنها لم يسأل عن شيء في هذا اليوم العظيم إلا وقال عليه السلام ” افعل ولا حرج ”
وعلى ذلك فإن السعي بين الصفا والمروة في التوسعة التي انشئتها المملكة العربية السعودية يجوز شرعاً طالما كانت هناك أسباباً داعية له أخذاً بالأسباب التي أشرنا إليها سلفاً وتطبيقاً لراي الإمام النووي ” الزيادة لها حكم المزيد “